استخدامات الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية: آيفون وسامسونج مثالًا

يشهد عالم الهواتف الذكية تطورًا متسارعًا يقوده الابتكار والتكنولوجيا الحديثة. ومن أبرز الاتجاهات التي فرضت نفسها بقوة في السنوات الأخيرة هو الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية، والذي لم يعد ميزة تكميلية، بل أصبح جزءًا أساسيًا من بنية الهاتف نفسه.
وتُعد شركتا آبل وسامسونج من أبرز الشركات التي استثمرت في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن أجهزتها، لتقديم تجربة استخدام أكثر ذكاءً وسلاسة للمستخدمين. من خلال هذا المقال، نستعرض كيف تُستخدم هذه التقنية في هواتف آيفون وسامسونج، وأهم الفوائد التي تقدمها للمستخدمين.
تحسين أداء البطارية وإدارة الطاقة
من الاستخدامات البارزة لـ الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية هو تحسين إدارة الطاقة. فعلى سبيل المثال، تعتمد هواتف آيفون على نظام يتعلم من عادات المستخدم، مثل توقيت شحن الهاتف واستخدام التطبيقات، لتقليل استنزاف البطارية.
أما في هواتف سامسونج، فإن نظام التشغيل يتعرف تلقائيًا على التطبيقات غير المستخدمة ويقوم بإيقافها مؤقتًا للحفاظ على الطاقة. هذه التقنيات تساعد المستخدمين على استخدام هواتفهم لفترة أطول دون الحاجة إلى شحن متكرر.
تحسين جودة الكاميرا والتصوير الذكي
شهدت تقنيات التصوير في الهواتف الذكية تطورًا ملحوظًا بفضل الذكاء الاصطناعي. حيث يتم الآن تحليل المشهد تلقائيًا بواسطة الهاتف، وتعديل الإعدادات مثل الإضاءة، والتباين، ودرجة الألوان للحصول على أفضل صورة ممكنة.
في أجهزة آيفون، تقدم خاصية “Deep Fusion” تحسينًا دقيقًا لتفاصيل الصور باستخدام معالجات متطورة تعتمد على تحليل دقيق لطبقات الصورة. بالمقابل، تعتمد هواتف سامسونج على ميزة “Scene Optimizer” التي تتعرف على محتوى الصورة (طعام، طبيعة، أشخاص…) وتضبط الإعدادات بما يتناسب مع كل نوع.
المساعدات الصوتية الذكية
أصبح المساعد الصوتي أحد العناصر الرئيسية في تجربة الهاتف الذكي. ففي آيفون، يُعد “سيري” وسيلة للتفاعل السريع مع الجهاز، حيث يمكنه تنفيذ الأوامر، وضبط التذكيرات، وتشغيل التطبيقات، وكل ذلك بناءً على تعليمات صوتية يفهمها ويتجاوب معها بكفاءة.
أما في هواتف سامسونج، فإن “بيكسبي” يقدم تجربة مشابهة، بل ويصل في بعض النماذج إلى التحكم بالوظائف الداخلية للهاتف مثل تشغيل الكاميرا أو تعديل الإعدادات، ما يجعل الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية عاملًا رئيسيًا في جعل التفاعل مع الجهاز أكثر مرونة وسلاسة.
تعزيز الأمان باستخدام تقنيات التعرف
أحد الاستخدامات العملية التي عززت ثقة المستخدمين في أجهزتهم هو الأمان الذكي. تعتمد أجهزة آيفون على خاصية “Face ID” التي تستخدم مستشعرات متقدمة لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد لوجه المستخدم، مما يجعل من الصعب تجاوزها.
كذلك، تقدم سامسونج خاصية التعرف على الوجه والبصمة تحت الشاشة، مدعومة بتحليلات ذكية تميز بين صورة حقيقية ومحاولة اختراق باستخدام صورة أو فيديو. هذا التطور يظهر كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية لضمان خصوصية المستخدمين دون التأثير على سهولة الاستخدام.
الترجمة الفورية والتعرف على النصوص
من التطبيقات اليومية المفيدة هي القدرة على ترجمة النصوص أو التعرف على المحتوى المكتوب من خلال الكاميرا. تستخدم آبل في هواتفها تطبيق الترجمة الذي يعمل دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، حيث تتم معالجة النصوص مباشرة على الجهاز.
أما سامسونج، فتوفر في تطبيق الكاميرا خاصية الترجمة التلقائية، التي تقوم بتحليل النصوص وتصنيف اللغة بدقة ثم عرض الترجمة الفورية. تعد هذه الميزات دليلًا حيًّا على استخدام الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية لتسهيل التواصل وتخطي حواجز اللغة.
التخصيص الذكي لتجربة المستخدم
يعتمد النظام الذكي في آيفون على تحليل سلوك المستخدم لتقديم اقتراحات مخصصة مثل التطبيقات الأكثر استخدامًا في وقت معين، أو اقتراح الروتين اليومي بناءً على النشاط المعتاد. كذلك، يُظهر نظام Siri Suggestions اقتراحات ذكية بناءً على الموقع والزمان.
أما هواتف سامسونج فتُستخدم فيها واجهة “One UI” التي تتكيف مع أسلوب استخدام كل فرد، فمثلًا يتم اقتراح اختصارات سريعة للتطبيقات، أو وضع الهاتف في وضع الراحة تلقائيًا حسب وقت النوم، ما يجعل من الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية أداة لفهم المستخدم قبل أن يطلب.
التصحيح التلقائي وتوقع الكلمات
عند الكتابة على الهاتف، يقوم النظام بتحليل طريقة كتابة المستخدم لتقديم تصحيحات وتوقعات دقيقة. في آيفون، تعمل لوحة المفاتيح على تقديم اقتراحات تتماشى مع أسلوب المستخدم الكتابي، وتتعلم بمرور الوقت.
وفي سامسونج، فإن لوحة المفاتيح المدعومة بمحرك الذكاء الصناعي تتعرف على الأنماط الأكثر استخدامًا وتقدم اقتراحات تسهم في تسريع الكتابة وتقليل الأخطاء، وهو ما يزيد من فعالية الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية في تحسين التجربة اليومية.
تحسين جودة الصوت والمكالمات
من خلال المعالجة الذكية للإشارات الصوتية، أصبح من الممكن إزالة الضوضاء المحيطة أثناء المكالمات، وتحسين جودة الصوت بشكل ملحوظ. تعمل أجهزة آيفون على تصفية الصوت عبر ميكروفونات متعددة وتحليل الخلفية لتقديم صوت أوضح للطرف الآخر.
كما تعتمد سامسونج على تقنيات مماثلة في هواتفها الرائدة، حيث يمكنها عزل الأصوات المحيطة أثناء التسجيل أو الاتصال، ما يعزز من جودة التواصل ويجعل المحادثات أكثر وضوحًا، خاصة في الأماكن المزدحمة.
إدارة الصور والذكريات الذكية
من المميزات الحديثة في الهواتف الذكية هي القدرة على تنظيم الصور تلقائيًا وإنشاء ألبومات ذكية. تقوم هواتف آيفون بتصنيف الصور حسب الأشخاص أو الأماكن أو الأحداث، وتقترح ذكريات مرئية بطريقة جذابة.
في سامسونج، يتم تنظيم الصور أيضًا بشكل ذكي، مع إمكانية البحث باستخدام الكلمات المفتاحية أو التعرف على الأشخاص في الصور. هذا التنظيم التلقائي يبرز مدى تطور الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية في تقديم حلول عملية لتنظيم الحياة الرقمية.
التوازن بين الخصوصية والوظائف الذكية
رغم أن استخدام الذكاء في الهاتف يتطلب جمع وتحليل بيانات المستخدم، إلا أن آبل وسامسونج تعملان على حماية الخصوصية من خلال المعالجة المحلية للبيانات على الجهاز دون إرسالها إلى الخوادم، إلى جانب تفعيل خيارات التحكم الكامل للمستخدم على نوعية البيانات التي تتم مشاركتها.
هذا التوازن يعكس إدراك الشركات لأهمية توفير تجربة ذكية دون التعدي على خصوصية الأفراد، مما يُظهر أن الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية يمكن أن يكون متطورًا وآمنًا في آن واحد.
لقد أصبح واضحًا أن الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية وفي الهواتف الذكية لم يعد مجرد ميزة إضافية، بل تحول إلى عنصر جوهري يُعيد تشكيل طريقة تفاعل المستخدمين مع أجهزتهم. سواء في آيفون أو سامسونج، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولًا مبتكرة، ويجعل الأجهزة أكثر فهمًا ومرونة في تلبية احتياجات المستخدم.
ومع استمرار هذا التطور، يتوقع أن تشهد الهواتف في المستقبل قدرات أكثر دقة وذكاءً، مما يُحسن من جودة الحياة الرقمية، ويجعل التكنولوجيا أكثر قربًا وإنسانية.